الذهب وعلاقته بالنظام النقدى
يقصد بالنظام النقدي مجموعة القواعد والإجراءات التي تحكم خلق النقود وإفنائها ، ولقد عرف التاريخ الاقتصادي نوعين رئيسيين من النقود ، هما النقود المعدنية والنقود الورقية . ولذلك يمكننا أن نذكر أن هناك نظامين نقديين رئيسيين هما النظام المعدني والنظام الورقي .
وسوف نشرح النظام النقدي المعدني فقط ، وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذا النظام أصبح حالياً شيئاً تاريخياً ، ولكن علنا نجد فيه استفادة وفهماً أكبر لدور الذهب في عالم الاقتصاد .
فالنظام المعدني هو نظام قائم على اعتبار أن كمية معينة من معدن معين هي التي تستخدم كوحدة نقدية أساسية ، كاعتبار مثلاً أن 2 غرام من الذهب يكونان الوحدة النقدية الأساسية ، والتي قد يطلق عليها مثلاً الفرنك .
وقد تميز نظام الذهب أو نظام قاعدة الذهب Gold Standard System بأن قيمة وحدة النقد الأساسية فيه الدولار أو الفرنك مثلاً ترتبط ارتباطاً ثابتاً بالنسبة إلى الذهب ، وبذلك تتعادل القدرة الشرائية لوحدة النقود مع القدرة الشرائية لكميات معينة من الذهب .
وهنالك ثلاثة أشكال من أشهر أشكال النظام النقدي الذهبي ، وهي تسير على نفس المبدأ العام ( ارتباطها الثابت بالذهب ) في أداء وظيفتها ، وهذه الأشكال الثلاثة هي :
1- نظام المسكوكات الذهبية Gold Coin Standard :
يمثل هذا النظام الشكل الأول لقاعدة الذهب حيث تداولت في ظله المسكوكات الذهبية إما بمفردها أو إلى جانبها أوراق نقد نائبة Representative أو تداولت إلى جانبها نقوداً اختيارية ، ولكن في جميع الحالات كانت المسكوكات هي النقد الأساسي أو الانتهائي .
وفي هذا النظام يقتضي توافر شروط معينة تذكر فيما يلي :
· تعيين نسبة ثابتة بين وحدة النقد المستخدمة ( الباوند مثلاً ) وكمية معينة مع الذهب ذات وزن وعيار محددين ، فعلى سبيل المثال في ظل هذا النظام كان وزن الذهب الصافي في الجنيه الاسترليني مساوياً 7.3 غراماً أو ما يقارب 0.13 من أوقية الذهب .
· وجوب توافر حرية كاملة لسك الذهب بدون مقابل ، أو بتكلفة طفيفة لكل من يطلب تحويل السبائك الذهبية إلى مسكوكات ، ويسمى هذا "حرية السك".
· وجوب توافر حرية كاملة لصهر المسكوكات الذهبية "حرية الصهر" .
· وجوب توافر حرية كاملة لتحويل العملات الأخرى المتداولة إلى النقود الذهبية بالسعر القانوني الثابت للذهب .
· وجوب توافر حرية كاملة لاستيراد وتصدير الذهب .
- نظام السبائك الذهبية Gold Bullion Standard :
يمكننا أن نفهم طبيعة هذا الشكل من أشكال قاعدة الذهب عن طريق التعرف على أوجه الاختلاف بينه وبين نظام المسكوكات الذهبية ، وتلخص في التالي :
· في ظل نظام السبائك لا تتداول المسكوكات الذهبية بل تحتسب من التداول ، فتحتفظ المصارف المركزية بالذهب في خزائنها وتدفع للبائعين قيمة مشترياتها منه عن طريق إصدار نقود ورقية أو بفتح حسابات جارية لهم حسب رغباتهم .
· لم تعد هناك حرية كاملة لتحويل أنواع النقود الأخرى المتداولة إلى الذهب ، فالسلطات النقدية تسمح ببيع الذهب في شكل سبائك لا تقل عن وزن معين . وهنا يذكر أنه عندما رجعت بريطانيا إلى قاعدة الذهب السبائك كانت قيمة أصغر سبيكة يسمح للأفراد بشرائها من السلطات النقدية تعادل 7575 دولاراً أمريكياً .
إن التحول من نظام المسكوكات الذهبية إلى نظام السبائك الذهبية اقتضته ضرورة الاقتصاد في استخدام الذهب كمعدن نقدي . فحينما رجعت بعض الدول إلى قاعدة الذهب كان ذلك خشية من أن العودة إلى نظام المسكوكات الذهبية قد تؤدي إلى استنزاف ما لديها من احتياطيات ذهبية عن طريق تحويلها إلى مسكوكات ، مما يجعل هذه الدول في موقف تعجز معه عن توفير كميات الذهب اللازمة لمقابلة احتياجات موازين المدفوعات . كما خشيت هذه الدول من عدم كفاية الاحتياطي الذهبي Gold Reserve لمقابلة احتياجات التداول النقدي ، الأمر الذي يهدد بحدوث انكماش وما يترتب عليه من آثار سيئة على مستوى النشاط الاقتصادي .
ولقد كان المبرر أنه في أوقات الأزمات النقدية سوف يعجز أي بنك مركزي يحتفظ باحتياطي جزئي من الذهب عن توفير كميات الذهب اللازمة لاستمرار تحويل البنكنوت إلى ذهب . هذا ومن المعروف أن الزيادة الشديدة التي تطرأ على طلب الجمهور على الذهب في أوقات الأزمات ترجع لأسباب سيكولوجية ، ومن ثم تكون لغرض الاكتناز ، وعليه فالسماح بحرية كاملة لتحويل البنكنوت Banknotes إلى ذهب إذا كان هذا ممكناً في أوقات الأزمات يشكل خطراً على النظام النقدي والاقتصادي معاً .
إزاء هذه الاعتبارات سعت الحكومات التي رجعت إلى نظام الذهب إلى بيع الذهب للجمهور على هيئة سبائك ولكن بكميات لا يستطيع كل فرد شرائها ، ولأغراض معينة حددها القانون كالأغراض الصناعية والوفاء بالتزامات أجنبية . وهكذا اختفى الذهب من التداول وأخذ مكانه كغطاء للأوراق التي تصدرها البنوك المركزية ، وهذه الأوراق المصدرة لم تعد تتمتع بحرية كاملة للصرف بالذهب بل حدود الكميات التي كانت تباع على هيئة سبائك وليست على هيئة مسكوكات .
إن تطبيق نظام السبائك الذهبية كان مفيداً ، لأنه ساعد على تركيز الاحتياطي الذهبي في أيدي البنوك المركزية والحكومات ، مما أتاح فرصة لإدخال نوع من الإدارة النقدية في ظل هذا النظام إلى جانب ممارسة قدر من الرقابة على حركة الذهب .
3- نظام الصرف بالذهب Gold Exchange Standard :
تتلخص الصفة الرئيسية التي تميز هذا الشكل من نظام الذهب عن غيره من الشكلين الأولين في أن الوحدة النقدية لبند ما لا تتحدد مباشرة على أساس الذهب ، بل يكون ارتباطها به ارتباطاً غير مباشر ، وذلك كأن ترتبط الوحدة النقدية بنسبة ثابتة مع الوحدة النقدية لعملة بلد آخر يسير على نظام الذهب .
ومع أن هذا النظام قد مكن البلد الذي اتبعه من التمتع بمزايا نظام الذهب دون ضرورة الاحتفاظ باحتياطي من الذهب يرتبط مباشرة بالنقد المتداول ، لكن مقابل ذلك كان يتحتم على هذا البلد التابع أن يحتفظ بجزء كبير من احتياطاته الأجنبية على صورة نقد أو صورة أذونات وسندات تصدرها خزانة الدولة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
لو تمتعت بهذه المقاله فضلا اشترك فى تغذية RSS الخاصه بنا